الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

التمييز الطائفي في جيش النظام

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:21:57:01

ذكرت أن كفرنبل كل أهلها من المسلمين السنة هي ومعظم القرى التي بجانبها، فالمحيط بشكل عام كله لون واحد، فلم يكن هناك احتكاك مع طوائف ثانية إلا بحسب الشخص ومهنته أو دراسته ومن الممكن أن يحدث في الجامعة أو أكثر ما يكون أثناء الخدمة العسكرية بحيث يحدث هناك احتكاك، فلم تكن هذه المظاهر الواضحة ضمن كفرنبل لموضوع التمييز العنصري؛ لأنهم كلهم لون واحد، فكان التمييز يصير على أساس الولاء للنظام، وكل شخص يكون مواليًا أو عنده أحد في الدولة أو عنده معارف أو في الحزب أو إلى آخره فهو قوي يزبط أموره (يعرف كيف يسيرها)، وكلما كان لا يعرف أحدًا فهو مهمش ولا يحصّل حقوقه.

 طبعًا أنا درست كما ذكرت في جامعة حلب في معهد التعويضات السنية، وكان عندي أكثر من صديق من ملل أخرى، كان عندي أصدقاء أكراد، وكان عندي صديق مسيحي؛ كان صديقًا مقربًا فزارني في كفرنبل مرتين في الفترة الدراسية، وحتى إنه كان من الطائفة العلوية هناك القليل من المعارف، لكن لم يكن في جو الجامعة ظاهرًا كثيرًا موضوع التمييز، فالموضوع كان يحتاج إلى أن يكون هناك شيء مفصلي، مثلًا: في الجامعة كان أي منصب حساس له علاقة بشؤون الطلاب أو له علاقة بالأمن مثلًا: أمن الجامعة أو أي شيء أمني أو أي شيء مفصلي أو أي شيء آخر، فدائمًا كان معظم الذين يستلمون هذه المناصب من الطائفة العلوية، فعندها كان التمييز واضحًا أو ظاهرًا فكل موقع حساس أو مفصلي أو يطلع في يده (قادر) بالمختصر يجب أن يكون علويًّا، أو بالأحرى يكون له جانب أمني [يدعمه]؛ لأنهم في الأساس سلموا العلويين كل الأمن وكل الجوانب الأمنية في كل القطاعات.

 حتى إنني أذكر في عام 2004 أثناء حدوث حركة احتجاج الأكراد، والنظام طبعًا قام بإخماد هذه الحركة وقمعها بقوة، ونقل فصائل من الجيش، وأعرف شخصًا كان متطوعًا في الجيش من قريتنا فتغير مكانه، فقد كان الشخص يخدم في الفوج 555 في الفرقة الرابعة، والفوج كله انتقل إلى القامشلي، أذكر أنهم سافروا كلهم؛ الفوج كله انتقل طبعًا حتى يُخمد الأوضاع.

 في هذه الأثناء في الجامعة كانت تصدر هناك الكثير من التعليمات وما يشبه التسليح فهو ليس تسليحًا، ولكنهم كانوا يعطون عصيًّا للناس، بمعنى أنهم يوظفون بلطجية [ويقولون لهم]: "أي تجمع تحسون به للأكراد إيدكم والضرب (اقمعوهم بأي طريقة) والدولة معكم" تخيل ّذلك! حتى إنه ليس من الطائفة العلوية، فالطائفة العلوية ربما كانت مسيطرة على الوضع وهي التي توزع وكذا، حتى إن هناك أشخاصًا من الطلاب العاديين وأحدهم كان يعرف بأنها تجارة فهو يريد أن يوالي الدولة أكثر، فمن الممكن أن يصير مع الأيام شيئًا (مهمًّا) أو يُوظَّف في شيء (وظيفة ما)، فهناك أشخاص يستجيبون، حتى إنه عُرض علينا [وقيل لنا]: إنكم تأتون كذا وتشاركون، طبعًا نحن رفضنا، وهناك أشخاص كثيرون كانوا خارج هذه القصة، وحتى إنهم كانوا ينظرون إلى الأكراد على أن لهم مظلومية؛ فكنا ننزعج ففي النهاية ماذا عمل الأكراد؟! هل لأنهم طالبوا بالهوية (البطاقة الشخصية) السورية، ونصفهم لا يملكون هوية سورية، وليسوا معترفين بهم؟! هل لأنهم طلبوا مثلًا أن يتعلموا باللغة الكردية؟! أين المشكلة؟! فهي لغتهم الأم وإذا تعلموها فما هي المشكلة؟!

 في الأساس الأكراد فعلًا كانوا مهمشين جدًّا، وهذا الكلام ليس فقط من أيام حافظ، وإنما قبل أيامه؛ من أيام جمال عبد الناصر، ويعرف الذين يتابعون القليل من التاريخ أو السياسة أن فترة القومية العربية ورهجتها (وأوجها) -وطبعًا هذه الدعاية الخاصة بالقومية العربية- كانت في أيام جمال عبد الناصر في أوجها، فمعظم الأحزاب قومية وعربية وقصص كهذه، علمًا بأن كل الحروب التي خاضوها خسروها في تلك الفترة تحت لواء القومية العربية، سواء نكبة عام 4819 أو نكسة عام 1967 أو الانتصار الوهمي الكاذب في عام 1973، فجمال عبد الناصر في الأيام التي استلم فيها سورية ومصر... فإذا كنت تنادي بالقومية العربية، وأنت عربي فإنه من حق غيرك أن يقول: الذي ليس عربيًّا ماذا يعمل؟ فأنت تقول للكردي: قل أنا كردي. وأنت تقول: أنا عربي. وكل شيء في سياستك في الدنيا على أساس أنك أنت عربي وهكذا توجهه.

مع الأسف تم تهميش الأكراد منذ تلك الأيام، يعني مدينة كوباني أطلقوا عليها اسم عين العرب من أيام جمال عبد الناصر (تم اعتماد تسمية قضاء عين العرب سنة 1937م بقرار من حكومة الرئيس السوري هاشم الأتاسي وأصلها قبل ذلك كان \"عرب بينار\" - المحرر)، علمًا بأنها مدينة كل سكانها من الكرد وليس فيها عرب أساسًا، فتخيل مثلًا أن كفرنبل مدينتنا فقط تخيل ذلك أنه جاء أشخاص وسيطروا عليها، مثلًا: نفترض أنهم "النوَر" وسموها "عين النور"، أليس أمرًا مزعجًا؟! فعلًا الأكراد تم استفزازهم وتهميشهم لفترة طويلة.

 ففي الأيام التي قاموا فيها في عام 2004 معظمنا كنا متعاطفين معهم، لكن ليس بيدنا حيلة، ولكن كان هناك عمل ممنهج لقمعهم، وأقول لك: كانوا يوزعون للطلاب العاديين الذين يريدون أن يشاركوا أنهم يتفقون مع ما يقولون له مكتب المراقبة لا أذكر اسمه وكان خاصًّا بالطلاب، وهذا له إشراف أمني على الطلاب، فكانوا يسلمونهم عصيًّا وغير العصي وكذا وأسلحة خفيفة، وأي تجمع للكرد أو عندما تحس بأي شيء "فيدك والضرب" (اقمعهم) والدولة معك، وكم من المرات ضربوا طلابًا، كانت مظاهر مؤسفة.

أثناء الجامعة هذا الذي أذكره عن الموضوع الذي نقول عنه: فرزًا طائفيًّا. لكن في الجيش حتمًا لا يوجد أحد يذهب إلى الجيش أو يخدم في الجيش إلا ويراه هناك بشكل صارخ وواضح.

 خدمت في الجيش بين عامي 2007 و2009 في هذه الفترة، خدمت في الفرقة الرابعة ومعروفة بأنها فرقة ماهر الأسد، طبعًا ماهر الأسد ليس هو قائد الفرقة هو قائد لواء في الفرقة، ولكن لأنه من بيت الأسد وأخو بشار الأسد فهو رئيس الفرقة بشكل فعلي، حتى إنني أذكر في الاحتفالات الرسمية -تخيل النفاق- التي نريد أن نحتفل فيها ببشار طبعًا وبهذه الأمور مثل تجديد البيعة في عام 2007 -ربما تذكر أنه مر شيء كهذا- كان تجديد البيعة لبشار، تجد الاحتفالات في الجيش ويشارك الناس بالدبكة وهكذا، كانوا أثناء الاحتفالات يوجهون تحية لبشار ويوجهون مقابلها لماهر، وأحيانًا يوجهون لماهر عادة قبل بشار، فالمعلم هو ماهر؛ كانت كلمة معلم في الفرقة ممنوعة فعندما تدخل إلى شخص مثلًا وتقول له: مرحبًا يا معلم. فيقول لك: ما هو قصدك؟ فلا يوجد غير معلم واحد، فتخيل أنت ذلك، لا يجوز، فهو ليست له صفة رسمية فيسمونه المعلم، فتجد الناس يصفقون وشخص يخطب فيقول: " تحية للمعلم ماهر." تجد الناس يصفقون ويصيحون: "ماهر ماهر" يعني كاريكاتير (فن ساخر) مضحك ومواقف مضحكة، تخيل حتى لأن لماهر سطوة على هذه الفرقة صارت له.

 فحتى بشار يأتي قليلًا (بمنزلة أدنى) بعد ماهر- تخيل ذلك- ليس قبله، بل بعد أو متساويان فيما بينهما، فإذا أردت أن تمدح بشارًا يجب أن تمدح ماهرًا، فالمؤسسة العسكرية هي أكثر مؤسسة فاسدة في كل مؤسسات الدولة، طبعًا كل مؤسسات الدولة فاسدة وقائمة على الرشاوى والوساطات والمحسوبيات، لكن المؤسسة العسكرية هي التي نخرها الفساد على اعتبار أن إيراداتها كبيرة أولًا، فقد كان معروفًا بأن 85% من إيرادات الدولة تذهب للمؤسسة العسكرية على اعتبار أننا دولة الممانعة والمقاومة، ونريد أن نحارب إسرائيل وهذه القصص، وكان معروفًا أن التمييز العنصري هناك بشكل غريب، طبعًا لم يكن بين كل الفئات؛ فالسني مثل المسيحي مثل الكردي تقريبًا، ويوجد علوي ويوجد البقية، فكان معظم ضباط الجيش علويين، حتى ضمن الفصيل العسكري في الجانب الأمني بالذات ربما تجد مثلًا ضابطًا سنيًّا، لكنك لا تجده مستلمًا الأمن، فضابط أمن الكتيبة أو ضابط أمن كذا دائمًا علوي، فالأمن للعلويين (وهذا الشيء) معروف، والسطوة العليا لهم، وقائد الفرقة أو قائد الكتيبة لا يستطيع أن يتكلم شيئًا مع الأمني العلوي على اعتباره مدعومًا، وعلى اعتبار وضعه فهو أمني وعمله كتابة التقارير فمن الصعب أن تدخل في حرب معه، أو عليك أن تكون مواليًا أكثر ولك علاقات أكثر مع العلويين حتى تصير ندًّا له، وهي قليلة وصعبة قليلًا.

 فالمؤسسة العسكرية كانت بابًا للسرقة والفساد غريب؛ الفساد من أعلى مستوى لأدنى مستوى، وتحدث سرقات من أكبر الضباط إلى أدناهم وفي النهاية تصل إلى العناصر، كانوا يعلمونك السرقة، ويعلمونك فساد الأخلاق، ويعلمونك الشرب (تناول المسكرات)، ويعلمونك أن تكفر، أن تتلفظ بالكفر وتسب الذات الإلهية -أستغفر الله العظيم- يعني هذا اللفظ دارج أكثر شيء في الجيش.

 ويوجد أشخاص أعرفهم التحقوا بالجيش وأعمارهم 18 سنة فتغيروا 180 درجة، صار الكفر يجري على ألسنتهم، كانوا أشخاصًا مؤدبين و متربين فصاروا يسرقون، وصاروا يحللون ويحرمون، البيئة هكذا، البيئة صعبة فيعلمونك أن تُذل وتقبل [الذل]، وتظلم غيرك أيضًا، فتخيل العسكري الذي يكون كل عمره مدعوس على رقبته (مهانًا) ومذلولًا و"منبطحًا وواقفًا" ويحكون ألفاظًا... فمثلًا هناك ألفاظ يتبجحون فيها، فيأتي الضابط الذي يربي هذه الدورة -حسب قولهم- أو يعاقبهم ويأتي ويقول لهم: "أنا ربكم، الله غير موجود، أنا ربكم، إذا كان الله موجودًا دعه يأت لينقذك، إنني الآن أنا أحيي وأميت، أنا أفعل بكم ما أريد." فتخيل ذلك! وأنا حضرت مواقف كهذه.

 كانوا يربون الخلق والعسكري الذي يُداس على رقبته (يُهان) كل الفترة هكذا يربونه، وهذا هو "السيستم" هنا هكذا النظام ففي الوقت الذي يصير فيه عسكري أدنى منك ومعنى أدنى منك أنك أنت أقدم منه، لكنك عسكري وهو عسكري فلا توجد رتبة، لكن أنت أقدم منه أو لك سلطة قليلًا (نوعًا ما) عليه، فصرت تدوس على رقبته، بمعنى أنه كما أذلوني سوف أذل غيري هكذا يفهم هؤلاء الأشخاص، علمًا بأن الموضوع متناقض، والمفروض أن الذي لا يرضى الظلم لنفسه، ألا يرضاه لغيره، لكن هم ربوا الناس على أن يقبلوا الذل ويذلون غيرهم، فهكذا هي سياستهم، فهذا الجيش و هذه المؤسسة العسكرية لأني خدمت في الجيش صارت عندي قناعة تامة بأن هذا الجيش لا يمكن أن يحارب من أجل البلاد ولا أن يطلق رصاصة، فهذا لا يحارب إسرائيل، جيش فاسد من أوله إلى آخره قائم على كل شيء سيئ فإذا قلنا: إن هناك محاسن الأخلاق فهذه مثلًا مفاسد الأخلاق، على أي أساس تريد أن تحاربه أو تريد أن تنتصر مثلًا إذا أردت أن تحارب، فهذا الجيش موضوع فقط لحماية آل الأسد فقط.

 وأثبت الوقت لاحقًا بعد قيام الثورة أن الجيش وظفوه كله لحماية آل الأسد ولقمع المظاهرات وتدمير المدن وقصفها وللقتل، فأنا لم أكن متفاجئًا؛ لأن الذي يخدم في الجيش تكون النجاة منه ليس بأن تنتهي (تُسرح)، النجاة منه بألا تنغمس في دائرة المفاسد فهناك جو فساد غريب، وكل شيء حولك هكذا، فإذا خرجت بأقل الخسائر فهذا هو المكسب، أن تخرج وأنت لست سارقًا ولست عميلًا ومخبرًا عن غيرك، يعلمون الناس أن يخبروا عن بعضهم، هكذا هو الحال، أنت عسكري يعني أنك تذهب لتشي بعسكري ثان بخبر أو مخالفة لكي يُعاقب، وعندما يكون عنده مجال سيعاقبك وهكذا، نعيش في شيء ليس له علاقة بشيء اسمه مؤسسة عسكرية أو جيش أو بأن هذا يريد أن يقاتل، ومعظم العساكر كانوا يقولون: " إذا صارت معي بارودة -مجرد كلام بين بعضهم عند الغضب وعندما يُظلمون كثيرًا- أريد أن أديرها إذا حدثت حرب أريد أن أوجهها نحو الضابط المسؤول عني، ولن أوجهها نحو العدو." هكذا كان الكلام الذي يقوله العساكر، وحتى أنا حدثت معي أكثر من مشكلة أثناء الجيش لها علاقة بموضوع الطائفية، فقد كانت الصدفة بحكم خدمتي أن أكون رقيبًا أول -رتبتي- باعتبار أن معي (شهادة) معهد، وأجلس مع أشخاص معظمهم مثلي برتبة رقيب أول وكلهم بنفس الرتبة وكلهم من حملة المعاهد الطبية، فخدمت في الكتيبة الطبية في الفرقة الرابعة، وجلسنا سوية، والصدفة كانت أننا كلنا من ملة واحدة في البداية، فكنا كلنا مسلمين سنة، لاحقًا بعد فترة فرزوا لنا 4 عناصر أو 5 عناصر جدد، كان من بينهم علوي ودرزي، طبعًا نحن لم تكن عندنا مشكلة فالأمر عادي، ونحن في النهاية معظمنا درس جامعة وعنده رفاق من ملل أخرى، فليست هناك مشكلة، لكن هذا العلوي كان يأتي وينظر هكذا، وتعلم أنه في الجيش دائمًا القديم تصير مهامه أقل من الجديد، حتى في أي مكان في الدنيا، مثلًا: عندك محل تعمل فيه بمصلحة معينة فعندما يأتي إليك صانع جديد حتمًا سوف تجعله يعمل أكثر من العامل القديم، فكانت مهامهم بشكل طبيعي تكون أكثر قليلًا من مهامنا، لكنه شيء عادي ونحن مثل بعضنا، فكان يتحسس وينظر بأن هؤلاء يعاملوننا نحن الجدد بطريقة ليست سوية، أو لماذا يحدث هكذا؟ أو هل لأنه علوي؟ علمًا بأنه مثلًا لم تحصل حساسية مع الدرزي، ولذلك ذكرت لك أنه كان يوجد شخص درزي، وهو شخص طيب، وكان صديقنا ولم تحصل مشكلات معه وإلى آخره، فهو مؤدب وخلوق ولا يوجد شيء، هو في حاله ونحن في حالنا (لا نتدخل ببعض).

 فصار هذا (العلوي) من أجل أن يحصل مكاسب معينة يصاحب ضابط الأمن العلوي، وصار يوصل له أخبارنا، فنحن قبل ذلك ما هي أخبارنا؟ أي مخالفة بالنسبة للجيش فإنك تصبح مخالفًا، مثلًا: إذا كانت لديك مسجلة صغيرة فأنت مخالف، الموبايل (الهاتف المحمول) نفسه إذا كان لديك "موبايل" فهذه مخالفة، أي شيء تفعله من الممكن أن يكون مخالفة، وتعرفون هذا الجو، لكننا كنا كلنا نعيش معًا، فمن يحب أن يخبر عن نفسه؟! ولماذا حتى يحدث ذلك؟! أحيانًا إذا أراد أحد أن يضرنا ربما من العساكر الذين في الخارج فيخبره عنا أمرًا، لكننا نحن فيما بيننا كانت أمورنا مستقرة ولا يوجد شيء، فصارت أخبارنا تصل أولًا بأول لهذا الضابط، وتأتي أوامر بتوقيع عقوبات واستدعاء لفلان واستدعاء لعلتان (لفلان).

 وفي مرة من المرات هناك بحكم أنني كنت أدرس تعويضات سنية فاستلمت عيادة سنية، كنت قد تسلمت أغراضها، وكان هناك طبيب مجند -صديقي من حمص- يعمل كطبيب أسنان، فالعيادة السنية كانت معي مفاتيحها، وكانت أكثر مكان آمن للذي يريد أن يصلي، فإذا أردت أن تصلي في العلن في الجيش فالموضوع صعب قليلًا، وأنت وحظك؛ فمن الممكن أن تُوبخ ومن الممكن ألا تُوبخ بحسب الذي يراك ماذا سيتكلم، أو بحسب اقترابهم منك، فكانت العيادة السنية مكانًا آمنًا، فالذي يريد أن يصلي يصلي فيها، وكنت أصلي فيها، وكان عندي رفاقي الذين... طبعًا ليس كل الناس يصلون وليس بالضرورة فهناك أشخاص لم يكونوا يصلون لسنا كلنا...، لكن الذي يريد أن يصلي يأخذ مفاتيح العيادة السنية ويقفل الباب وراءه، ونافذته يوجد عليها جرائد فيصلي بأمان ويخرج، فلا نصلي في المهجع بشكل عام.

 فوصل الخبر لضابط الأمن بأنني قد جعلت العيادة السنية جامعًا، طبعًا أنكرت، وهل صدق أم لم يصدق؟ لا أعلم في وقتها، لكنه هدد كثيرًا بأنه سيرسلني إلى مكتب الأمن أو لا أعلم إلى أين ومن هذا الكلام بعد توبيخ وصراخ، وفي الجيش يقولون لك: المفروض ألا تتكلم، ريثما تمر هاتان السنتان كيف ما كان (بأي طريقة)، لكنني في وقتها حزنت وانزعجت فماذا فعلنا لك؟! بماذا آذيناك إذا كنا نصلي؟! ماذا فعلنا لك؟! حتى تذهب وتقول له؟ فدار هناك ما يشبه النقاش قليلًا [وقال:] لماذا تعاملونني هكذا؟ وعندها الناس انكفؤوا عنه قليلًا؛ فلم يعد أي شخص يتكلم معه؛ فصار يجفّل (يثير الخوف) وصار يخيف فما إن تتكلم معه شيئًا حتى يذهب ويوصل (أخبارنا)، و[قال] لماذا تعاملونني هكذا؟ ولا أعلم ماذا، فقلت له: ضع نفسك مكاننا، طوال عمرنا ونحن نقعد هنا، ولم يخبر أحد عن الثاني شيئًا، ولا أحد عرف ماذا يحصل معنا هنا، فأحيانًا نحضر "بلاي ستيشن" (جهاز لعب منزلي) ونلعب ولا أحد يعلم به، تخيل أن هذا الجهاز ممنوع كثيرًا فرضًا، فتأتي أنت وتوصل كل أخبارنا! قال: لماذا أنا؟ لماذا لا يكون أحد من الجدد؟ لماذا اخترتموني أنا؟ قلت له: أول شيء لأنك اصطحبت كثيرًا مع ضابط الأمن، والأمر الثاني لأن فلانًا وفلانًا يصلون؛ المقصود أنهم هم المتضررون فالشخص الذي يصلي في العيادة السنية لن يذهب ليقول لضابط الأمن: نحن نصلي فيها، فهذا كان قصدي. فهو ذهب وقال لضابط الأمن: إن فلانًا يقول لي: أنت مخبر لأنك علوي. تخيل ذلك! أنا لم أخاطبه بطائفية، لكن هؤلاء يصلون فمن الطبيعي ألا يخبروا عن أنفسهم، وأنت لا تصلي، [فقال:] إن فلانًا أيضًا لا يصلي، نعم، لكن فلانًا في حياته (الأيام السابقة) لم يخرج إلى ضابط الأمن، أنت الوحيد الذي تذهب إليه، فكنت أناقشه، فذهب وقال له هكذا، وإن استطعت دبرها (أقنعه) [فقال:] أنت تعامل زملاءك بمناطقية وطائفية، وسوف أخرب بيتك... حتى إنه حاول أن يضربني ولم أسمح له...

 وقائد الكتيبة الذي يجعلك تضحك أنه سني، لكن كان نوعًا ما لا أريد أن أقول لك: هو جبان، لكنه كان كثيرًا ما يحاول أن يحابي أو يوالي بأنه من جماعة الجيش ويوالي النظام، وأنه قائد وأموره جيدة، فكانت هناك قصص كهذه فيها بلبلة وأن هناك أشخاصًا عندهم علوي وغير علوي وقصص كهذه، فهذه [تسبب] وجع رأس (مشكلات) له، وهم كانوا يفرزون عادة من الجدد شخصان يذهبان إلى مركز ثان، فكان قد حدد شخصان ليذهبا من ضمنهم هذا الشاب الذي اختلفت معه، يذهبون ويُفرزون إلى مركز الأغرار في وقتها من أجل أن يكملوا الخدمة هناك، بحكم أنهم جاؤوا فترة وهم جدد فتطول مدتهم هناك أكثر، فعندها وكي لا يوجعه رأسه (تصيبه مشكلات) تخيل ذلك، أو بمعنى اذهبوا واقتتلوا بعيدًا عني، فنقلني أنا وإياه إلى مركز... بحيث لا تصير مشكلات عنده فقط، فتخيل مثلًا هذه القيادة الحكيمة فأنت مثلًا قائد كتيبة وكي لا تزعج نفسك فلا تأتي لتنصف الحق أو لا (لا أريدك أن) تنصف الحق، يا أخي لا تقف معي، لكن لماذا نقلتني؟! بمعنى اذهبوا واقتتلوا عند غيري واعملوا مشكلات لغيري، وفي نفس الوقت أنا أموري سليمة، فقد كان جبانًا، وكان ضابط الأمن مسيطرًا عليه لأنه علوي و100 قصة، علمًا بأن هذا الضابط طبيب كان مختصًّا بالسرطان وهو شخصية مهمة، لكن هكذا كان الوضع، والعلوي كان لا يعرف الخمسة من الطمسة (جاهل) وربما هو أمي تقريبًا، فالجو كله كان وسخًا، فالجو هناك... لا تأتي وتجد في هذه الحلقة شيئًا نظيفًا أو شيئًا جيدًا، أو إذا وجدت شيئًا جيدًا فيكون نادرًا، ويعود ذلك لأخلاق الشخص ومزاجه، وأحيانًا ربما يكون الشخص واقفًا معك (منصفًا) وجيدًا كضابط، فربما يوجد أشخاص كهؤلاء، لكنهم قليلون، وليسوا مؤثرين، فتخيل نقلنا كلانا من تحت رأس (بسبب) حصول هذه المشادة، وطبعًا قصتي لم تنته عند هذا الأمر، فضابط الأمن رفع تقريرًا لمكتب الأمن، بعد أن انتقلت إلى موقع جديد وبعد شهر استدعوني، وطبعًا لم يستدعوني هم ، بل جاءني الاستدعاء من مكتب الأمن تحويل إلى "فرع 227" إلى الآن أذكر رقمه، ولا أذكر أين هو في الشام، وكيف وجدته، ومن الباب حولوني إلى فرع المنطقة -نسيت رقمه- كان في حي القصور.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2023/03/10

الموضوع الرئیس

النهج الطائفي لنظام الأسد 

كود الشهادة

SMI/OH/219-03/

رقم المقطع

03

أجرى المقابلة

إدريس  النايف

مكان المقابلة

اعزاز

التصنيف

مدني

المجال الزمني

2004 - 2009

المنطقة الجغرافية

محافظة حلب-مدينة حلبمحافظة إدلب-كفر نبل

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

جامعة حلب (نظام)

جامعة حلب (نظام)

الجيش العربي السوري - نظام

الجيش العربي السوري - نظام

الفرقة الرابعة دبابات (مدرعات) - نظام

الفرقة الرابعة دبابات (مدرعات) - نظام

الشهادات المرتبطة