الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.
قوات الدفاع الوطني.jpg

قوات الدفاع الوطني

ميليشيا موالية لنظام الأسد تشكّلت بنيتها الأولى من اللجان الشعبية المسلحة التي وقفت إلى جانب قوات الأمن والجيش في مواجهة المتظاهرين السلميين منذ آذار 2011. وكانت بدايات الدفاع الوطني من مدينة حمص حيث بدأت باكرا عمليات تسليح شبان من الطائفة العلوية بشكل أساسي، لمؤازرة النظام في عملياته العسكرية، وموّل رجال أعمال مقربون من النظام تلك الميليشيا، أمثال رامي مخلوف ومحمد حمشو وصقر رستم. لكن سرعان ما تبنت إيران مسألة تمويل وتدريب ميليشيا الدفاع الوطني وهذا ما أوضحه كتاب "رسائل الأسماك" الذي يتحدث فيه الجنرال حسين همذاني –المقتول في 2015 بحلب- قائد قوات الحرس الثوري الإيراني في سوريا، عن الخطة التي وضعتها إيران عام 2012 لمساعدة النظام، والقائمة على تجنيد متطوعين في ميليشيا رديفة، في محاولة لاستنساخ تجربة "الباسيج" الإيراني. وقال القائد السابق للحرس الثوري الجنرال "محسن رضائي"، خلال تشييع همداني إن الاخير "زار سوريا منذ العام 2011، حيث أسس قوات الدفاع الوطني (الموالية للنظام) وشارك في 80 عملية". ويمكن تصوّر البنية التنظيميّة لهذه الميليشيا كهرم بأربعة مستويات، المستوى الأوّل “قمّة الهرم” وتحتلّه قيادة مركزيّة، غالباً ما تكون خارج دائرة الضوء، وهي نواة صلبة شديدة التماسك والتجانس وتقود باقي مستويات الهرم، وترتبط مباشرة بقيادة الحرس الثوريّ الإيرانيّ ومكتب المرشد الأعلى للثورة الإيرانيّة، ولا تهمّ جنسيّة الأشخاص في هذا المستوى، أمّا المستوى الثاني فيضم القادة العسكريّين والسياسيّين والخبراء الاستراتيجيّين متعددي الاختصاصات، ويلقى الضوء على أفراده حسب الحاجة، وفي المستوى الثالث تأتي الكوادر التنفيذيّة والمدرّبة ميدانيّاً، والموثوق ببنيتها العقائديّة، أمّا قاعدة الهرم فيحتلّها الأفراد العاملون على الأرض والذين لا يخضعون لمعايير صارمة في اختيارهم مثل باقي المستويات الأخرى. وسرعان ما توسعت ميليشيا الدفاع الوطني في جميع المحافظات السورية وأنشئت مكاتب لاستقبال المتطوعين، الذين حصلوا على امتيازات عديدة منها البطاقة الأمنية وحرية الحركة بين المدن، والحصانة الأمنية والتي سهلت لهم فيها بعد عمليات التعفيش التي اشتهرت فيها هذه الميليشيات، عوضا عن اعتبارها الخيار الأمثل للتملّص من الخدمة الإلزامية. وشاركت الميليشيا في معظم معارك قوات الأسد بسوريا، وكان لها دورا أساسيا في استعادة السيطرة على المناطق الخارجة عن سيطرة النظام. وبعد التدخل العسكري الروسي في سوريا عملت موسكو على تقويض دور ميليشيا الدفاع الوطني في مسعى لحلّها بغية إضفاء شرعية على قوات الأسد النظامية، خاصة بعد تشكيلها الفيلق الخامس والفيلق الرابع – اقتحام، والدفع باتجاه تعزيز دورهما ميدانيا وعسكريا. حيث ترى روسيا في ميليشيا "الدفاع الوطني" قوة أثرت على سمعة قوات الأسد، بعدما تحولت إلى قوى متناحرة فيما بينها، واشتهرت بعمليات السرقة، والسطو، والخطف، كما شكلت لروسيا مصدر خوف من أن يفقد النظام سيطرته على عناصر الميليشيا المدعومة من إيران، ويعزز مخاوف موسكو الحال الذي وصلت إليه بعض مجموعات "الدفاع الوطني" من تمرد على قرارات النظام وعدم الانصياع له، لا سيما المجموعات المتواجدة في محافظتي حمص وحماه، حيث تتمتع إيران هناك بنفوذ كبير على الميليشيات. بالمقابل ضغطت طهران على دمشق لشرعنة هذه القوات حيث قال القائد العام للحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري في نوفمبر/تشرين الثاني 2017 إن على السلطات السورية الاعتراف قانونيا بشرعية الدفاع الوطني، داعيا "الحكومة السورية ومجلس الشعب إلى التصويت على قانون للاعتراف بذلك". وبالفعل تمكنت روسيا من تضييق الخناق على الدفاع الوطني وبدأت العديد من مكاتب الميليشيا إغلاق أبوابها، كما صدر قرار بإيقاف عمليات التطويع في تلك المليشيا، على أن يُخيّر المتطوعون فيها بين تسوية وضعهم وتطويعهم في صفوف قوات الأسد أو في صفوف الفيلق الخامس بشكل رسمي، وذلك عبر عقود سنوية كمقاتلين مرتزقة على أن تعمل هذه المليشيا تحت إدارة مشتركة سورية روسية، أو إنهاء عقودهم مع الدفاع الوطني وعودتهم لحياتهم المدنية، شرط أن لا يكونوا من المطلوبين لإحدى الخدمتين الإلزامية أو الاحتياطية.

أختر الشاهد :